سورة المدثر - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المدثر)


        


{وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27)}
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ} أي أي شيء أعلمك ما سقر على أن ما الأولى مبتدأ وأدراك خبره وما الثانية خبر لأنها مفيدة لما قصد إفادته من التهويل والتفظيع وسقر مبتدأ أي أي شيء هي في وصفها فإن ما قد يطلب بها الوصف وإن كان الغالب أن يطلب بها الاسم والحقيقة وقوله سبحانه:


{لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28)}
{لاَ تُبْقِى وَلاَ تَذَرُ} بيان لوصفها وحالها فالجملة مفسرة أو مستأنفة من غير حاجة إلى جعلها خبر مبتدأ محذوف وقيل حال من سقر والعامل فيها معنى التعظيم أي أعظم سقر وأهول أمرها حال كونها لا تبقى إلخ وليس بذاك أي لا تبقى شيئًا يلقى فيها إلا أهلكته وإذا هلك لم تذره هالكًا حتى يعاد وقال ابن عباس لا تبقى إذا أخذت فيهم لم تبق منهم شيئًا وإذا بدلوا خلقًا جديدًا لم تذر أن تعاودهم سبيل العذاب الأول وروى نحوه عن الضحاك بزيادة ولكل شيء فترة وملالة إلا جهنم وقيل لا تبقى على شيء ولا تدعه من الهلاك بل كل ما يطرح فيها هالك لا محالة وقال السدي لا تبقى لهم لحمًا ولا تذر عظمًا وهو دون ما تقدم.


{لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29)}
{لَوَّاحَةٌ لّلْبَشَرِ} قال ابن عباس ومجاهد وأبو رزين والجمهور أي مغيرة للبشرات مسودة للجلود وفي بعض الروايات عن بعض بزياة محرقة والمراد في الجملة فلواحة من لوحته الشمس إذا سودت ظاهره وأطرافه قال:
تقول ما لاحك يا مسافر *** يا ابنة عمي لاحني الهواجر
والبشر جمع بشرة وهي ظاهر الجلد وفي بعض الآثار أنها تلفح الجلد لفحة فتدعه أشد سوادًا من الليل واعترض بأنه لا يصح وصفها بتسويدها الظاهر الجلود مع قوله سبحانه: {لا تبقى ولا تذر} [المدثر: 28] الصريح في الإحراق وأجيب بأنها في أول الملاقاة تسوده ثم تحرقه وتهلكه أو الأول حالها مع من دخلها وهذا حالها مع من يقرب منها وأنت تعلم أنه إذا قيل لا يحسن وصفها بتسويد ظاهر الجلود بعد وصفها بأنها لا تبقى ولا تذر لم يحسن هذا الجواب وقد يجاب حينئذ بأن المراد ذكر أوصافها المهولة الفظيعة من غير قصد إلى ترق من فظيع إلى أفظع وكونها لواحة وصف من أوصافها ولعله باعتبار أول الملاقاة وقيل الإهلاك وفي ذكره من التفظيع ما فيه لما أن في تسويد الجلود مع قطع النظر عما فيه من الإيلام تشويهًا للخلق ومثلة للشخص فهو من قبيل التتميم وفي استلزام الإهلاك تسويد الجلود تردد وإن قيل به فتدبر وجوز على تفسير لواحة بما ذكر كون البشر اسم جنس عنى الناس ويرجع المعنى إلى ما تقدم وقال الحسن وابن كيسان والأصم لواحة بناء مبالغة من لاح إذا ظهر والبشر عنى الناس أي تظهر للناس لعظمها وهولها كما قال تعالى: {وبرزت الجحيم لمن يرى} [النازعات: 36] وقد جاء أنها تظهر لهم من مسيرة خمسمائة عام ورفع لواحة على أنه خبر مبتدا محذوف أي هي لواحة وقرأ عطية العوفي وزيد بن علي والحسن وابن أبي عبلة لواحة بالنصب على الاختصاص للتهويل أي أخص أو أعني وجوز أن يكون حالًا مؤكدة من ضمير تبقى أو تذر بناء على زعم الاستلزام وأن يكون حالًا من {سقر} والعامل ما مر.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12